النسوية في كنف حزب البعث السوري

خاص شبكة الصحفيات السوريات
((كنا نتحدث همساً فيما بيننا أنه إن تمّ استجوابنا بسبب دورة أو ورشة قمنا بها أن نقول نحن ندافع عن حقوق المرأة أو الطفل، وأن نتذكر دائماً لعدم ذكر كلمة حقوق إنسان فهي خطر كبير))

ما بين تولّي بشار الأسد الحكم وانطلاق الثورة 2011 كانت هنالك ثورات من نوع آخر، ثورات صغيرة كبيرة بمفهومها الاجتماعي السياسي، تشكّلت كحراك مجتمعي ضمن جمعيات متنوعة منها تلك الجمعيات التي عملت تحت عناوين حقوق المرأة، العنوان المسموح به في زمن كان يعتبر الحديث عن حقوق الإنسان جريمة أمنية.
في ظل ذلك التخوّف الأمني وقانون الجمعيات المعيق، الذي وضع في عهد جمال عبد الناصر بعد أن كان كجارته لبنان “علم وخبر”، نمى مفهوم العمل المجتمعي في سوريا كعمل تطوّعي يهدف إلى تغييرات في القوانين والعادات التمييزية ضد النساء خاصة ضمن الجمعيات التي عملت لأجل حقوق النساء، والأهم أنّه استقطب أجيالاً شابّة آمنت بهذه الأهداف وعملت لأجلها حينها.
واجه الحراك النسائي في عهد بشار الأسد الاحتكار والتضيق من قبل أسماء الأسد كسيدة أولى ذات نفوذ، من خلال المؤسسات التي أوجدتها وأشرفت عليها، بالإضافة للمبالغة في استخدام تمكين النساء كصور لتحسين وجه النظام والترويج له على انه مناصر حقوق النساء، إلا أن المؤسسات والمدافعات عن حقوق النساء تمكَن رغم ذلك من كتابة تقارير الظل لاتفاقية السيداو واتفاقية حقوق الطفل ، كما تضامنت معاً من أجل حملات الجنسية وجرائم قتل النساء (كانت تعرف بجرائم الشرف) وتعديل القوانين التمييزية ضد النساء، بل حتى أنها قدمت مشروع لتعديل قانون الجمعيات المعيق لترخيص الجمعيات، إضافة لرصد الانتهاكات ضد النساء في الاعلام والمناهج الدراسية والقوانين، وتبقى علامة هذ الفترة الميزة العمل أكثر ضمن جمعيات وخاصة في المدن الرئيسية كدمشق وحلب.

خارطة الحراك النسائي السوري من ٢٠٠٠ -٢٠١١

كان لرابطة النساء السوريات الريادة في إدخال المنظور الجندري على العمل النسائي، حيث اعتبر نقلة نوعية من الحديث فقط عن حقوق النساء والانتقال للحديث عن المساواة بين الجنسين أيضاً، أبرز أحداث الحراك خلال فترة الألفينيات حملة “جنسيتي لي ولأسرتي” عام ٢٠٠٢ التي نظمتها الرابطة، وطالبت بتغيير المادّة التمييزية في قانون الجنسية ورغم جمعها لكل الوثائق والأوراق المطلوبة لتعديل القانون لكن شيئاً لم يحدث، إلا أنّها كانت نواةً لحثّ المهتمين/ات وتحفزهم لإنشاء جمعيات منها ما استطاع أن يأخذ ترخيصاً ومنها عمل دون ترخيص ومنها تحت عباءات مختلفة.
بدأت الحركات النسائية تظهر إلى العلن بعد أعوام من الانطواء تحت عباءة الاتحاد النسائي المتحول في كنف البعث من مؤسسة من مؤسسات المجتمع الأهلي الى مؤسسة من مؤسسات النظام، حيث احتكر كل الجمعيات والنشاطات التي تتعلّق بالنساء، ليتم حله في عام ٢٠١٧ بقرار رئاسي، لتحل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مكان الاتحاد بكل ما له من حقوق وما عليه من التزامات.
انضمّت الكثير من الناشطات السوريات لرابطة النساء السوريات كأقدم تنظيم نسائي ولمبادرات الرابطة العلنية، هذا ما أكدته رانيا كعكرلي حيث وجدت نفسها وهي المدرسة في كلية الفنون الجميلة تدرّب على مفاهيم تلمّستها لكنها لم تجد تعريفها بوضوح إلا من خلال الرابطة، تحدثنا عن تجربتها في تأثير نشاطها النسوي على عملها كمدرسة في الجامعة وعن الحديث عن المساواة مع طلاب كلية الفنون في هذا اللقاء:

ترى ثناء السبعة جانب أخر من الحراك المدني النسائي في تلك الفترة، هي التي عملت مع الرابطة ومرصد نساء سورية لاحقا لتصبح من أنشط العضوات، تحدثنا عن تجربتها وعن شكل العمل التطوعي حينها بمجتمع لا يؤمن بهذا الفكر حسب رأيها في اللقاء التالي: