بيان ضد التحرش والتمييز في قطاع الإعلام

23-نيسان – 2020- تواردت في الآونة الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الإعلام ردود أفعال مختلفة على التحقيق الاستقصائي الذي قامت به نورث بريس موثقةً أكثر من 10 حالات تحرش جنسي تعرضت له صحفيات في مناطق شمال شرق سوريا. وعلى ذلك، تستنكر مؤسسة شبكة الصحفيات السوريات الكم الهائل من التحرشات الذي تتعرض له الصحفيات والذي يبقى في الغالب مسكوتاً عنه بسبب الخوف أو العنف.

نرغب في شبكة الصحفيات السوريات بإلقاء الضوء على خطورة وانتشار التحرشات الجنسية وخصوصاً في السنوات الخمس الأخيرة. فقد تبين معنا من خلال استبيان قمنا به في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي مع صحفيات ومدافعات عن حقوق الإنسان، من خلال برنامج الأمن والسلامة، أن ما يقارب ٢٥.٦٪ من الصحفيات المشاركات قد تعرضن لتحرش مباشر (10% تعرضن لتحرش جنسي، 30.8% أجبن بأن سبب تعرضهن للإساءة هو جنسنهن أو نوعهن الاجتماعي)، وأكد ٧٠٪ من المشاركات أن هنالك زيادة في كم العنف الذي تتعرض له الصحفيات السوريات، بكافة أشكاله ومنها الالكترونية والرقمية والمباشرة.

هذا وتشجب شبكة الصحفيات التحرشات التي تتعرض لها النساء بكافة أشكالها وتعتبرها دخيلة على ثقافة المجتمع السوري ومُسيئةً للعمل الحقيقي الهام والجاد الذي تقوم به المؤسسات الإعلامية عامة والصحفيات السوريات خاصةً، مما يساهم في تقليص مساحة الأمان في القطاع الإعلامي ويخلق بيئة عمل غير آمنة للصحفيات. كما تؤدي هذه الممارسات العنيفة إلى إعاقتنا في سعينا نحو عدالة اجتماعية للجميع نساء ورجالاً من أعمار وخلفيات ثقافية وقابليات جسدية متنوعة ومختلفة.

ويهمنا في هذا البيان لفت انتباه المؤسسات الإعلامية إلى أهمية التصدي والعمل على منع وعقاب تلك الممارسات بشكلِ يحد منها ويشجع الصحفيات على التبليغ عنها. وعلى ذلك نرغب بتنبيه المؤسسات الإعلامية إلى بعض الأسباب التي تؤدي إلى زيادة التحرشات في الصحفيات والتي تقوض من سعينا نحو مجابهتها، وتتضمن تلك:

(1) القوانين اللينة على المستوى العام وعلى مستوى المؤسسات التي تتهاون في التعامل مع شكاوى الصحفيات فيما يخص التحرش والعنف،
(2) الخوف العام الذي تعيشه النساء والذي يمنعهن من التبليغ عن الممارسات المُسيئة بحقهن في إطار المؤسسات،
(3) الخوف من الفضيحة والتشهير والتسكيت والتشييء الذي عادةً ما تتعرض له الصحفيات إذا ما بلّغن عن التحرشات عامة والجنسية خاصة،
(4) الثقافة “الذكورية السامة” السائدة والبالية التي تلقي اللوم على الضحية الناجية من التحرش، بدلاً من عقاب المعتدي،
(5) انعدام وجود سياسات وثقافات واعية ورادعة للمتحرشين والمعتدين، إذ يطمئن ذلك المتحرش الذي عادةً ما يفلت بلا عقاب.

كما نجد في هذه الحادثة فرصةً لدعوة المؤسسات الإعلامية خاصة ومؤسسات المجتمع المدني عامةً إلى العمل سوياً للتصدي لتلك الممارسات القمعية ومجابهتها، لنسعى معاً على احقاق الحقوق والوصول لعدالة اجتماعية لجميع السوريين والسوريات بغض النظر عن جنسهن وهوياتهن المختلفة. وعلى ذلك نطالب بعمل جماعي يسعى إلى:

(1) تعديل التشريعات القانونية بشكلٍ يُمركز سلامة وأمان الناجيات والضحايا، في مناطق تواجدهن المختلفة،
(2) إقرار تعريفات واضحة للتحرش والعنف بكافة أشكاله سواء كان جنسياً أو جسدياً أو نفسياً أو افتراضياً (عبر وسائل التواصل الإلكترونية)،
(3) خلق آليات حماية رسمية وغير رسمية للناجيات والضحايا من تلك الممارسات القمعية،
(4) خلق ثقافات مؤسساتية ومجتمعية رادعة للجاني والمعتدي، بدلاً من إلقاء اللوم على الضحايا والناجيات،
(5) زيادة الوعي المجتمعي على الضرر الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي تسببه هذه الممارسات للضحايا والناجيات وللمجتمع السوري بأكمله.

ختاماً، نأمل أن تكون في هذه الدعوة بدايةً للعمل الجماعي الجاد نحو الحد من تلك الظاهرة، إذ تقع على كاهلنا كمؤسسات إعلامية ومؤسسات مجتمع مدني مسؤولية التصدي لتلك الممارسات والحد منها، فنحن مسؤولون ومسؤولات إذا سكتنا عن تلك الممارسات بغض النظر عن أماكن تواجدنا ومناصبنا وخلفياتنا.