مياه الصرف الصحي تقلق حياة سكان شمال غرب سوريا
مياه الصرف الصحي تقلق حياة سكان شمال غرب سوريا
الصحفية ريتا خليل
“تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع «تمكين الجيل القادم من الصحفيات السوريات» بالشراكة بين مؤسستي «شبكة الصحفيات السوريات» و «حكاية ما انحكت». أُنتجت هذه المادة بإشراف الصحافية آلاء محمد.
ينصب الحاج فرج خيمته في مخيم الإخاء في محيط مدينة سرمدا، الذي تطل خيامه على مجرى نهر الصرف الصحي القادم من المدينة، يعيش هو زوجته وحدهما بعد أن غادر أولاده إلى تركيا.
يقوم الحاج فرج برعاية زوجته الستينية بعد إصابتها باللشمانيا في كلتا يديها والتي تسببت بعجزها عن تحريك أصابعها لدرجة أنها غير قادرة على إمساك الملعقة.
تروي لنا الحاجة فاطمة زوجة فرج كيف استيقظت في أحد الصباحات لتلاحظ وجود بثرة صغيرة في إصبع يدها اليمنى، ما لبثت أن تطورت خلال الأسبوع الأول الى حبة كبيرة بلون أحمر، علمت فيما بعد لدى مراجعتها للمركز الصحي بأنها حبة اللشمانيا وبأن من يسببها هي ذبابة الرمل التي تكثر في المياه الراكدة والملوثة.
تلقي الحاجة فاطمة باللوم على نهر الصرف الصحي القريب، فكما أخبرها الطبيب المعالج بأن هذا النهر مسؤول عن أكثر من حالة في مخيمها والمخيمات المجاورة له راجعت المركز بعد إصابتها باللشمانيا.
بدأ الحاج فرج يتعلم كيفية القيام بالأشياء التي كانت زوجته تقوم بها سابقاً، مثل الطهي والتنظيف والعناية بالخيمة التي يعيشون بها، وكانت زوجته تشجعه دائما بعبارات حب ودفء.
يقول: “لو كنت أملك خياراً لما اخترت البقاء في هذا المكان بالقرب من النهر الملوث بالصرف الصحي، وربما لم تكن ستصاب زوجتي بهذا المرض”.
لم تكن الحاجة فاطمة الوحيدة التي طالتها المخاطر الصحية الناجمة عن النهر الملوث المكشوف في سرمدا والبلدات المجاورة، هذا ما يؤكده الدكتور محمد الحلاق أخصائي أمراض الداخلية في مشفى القدس بمدينة الدانا القريبة، حيث لاحظ ارتفاع في وتيرة الإصابة بالأمراض المعوية كالكوليرا والسلمونيلا والإلتهابات المعوية بخاصة بين شريحة الأطفال، وربط الحلاق بين وجود برك وسواق لمياه الصرف الصحي المكشوفة بالقرب من الأماكن السكنية وخصوصاً أماكن المخيمات وبين أغلب الحالات الوافدة يومياً، وبحسب الحلاق أن مياه الصرف الصحي الملوثة تحوي على مجموعة من البكتيريات والجراثيم الضارة كبكتيريا اي كولاي ( الاشريكيا القولونية).
يتشكل نهر الصرف الصحي المار بالقرب من مدينة سرمدا من مياه الصرف الصحي القادمة من سرمدا وكفردريان وبعض المزارع المنتشرة حوله، مستغلاً انحدار الأرض وتشكل مجرى طبيعي يميل جهة الشرق بما يشبه الوادي إن صح التعبير يمتد مسافة بما يقارب ١٢ كيلو متر وعرض يتراوح بين ١٢ و٢٠ متر وبعمق يصل الى الثلاثة أمتار في فترات الشتاء والفيضانات، يتلقى خلالها مجرى النهر مياه الصرف الصحي القادمة من مدينة الدانا وبلدة دير حسان والجينة لينتهي عند بلدة كفرنوران بريف حلب الجنوبي حيث يلتقي مع مجرى النهر الرئيسي القادم من مدينة حلب والمعروف بمجرى نهر قويق عند قريتي برنة وزيتان حيث ينتهي المطاف بمياه الصرف الصحي مجتمعة في تجمع مائي كبير بالقرب من بلدة الحاضر وتل الطوقان في مكان يطلق عليه بحيرة ( السيحا).
لا يحمل النهر الملوث اسماً ليُعرف به لكن أبناء المنطقة اعتادوا أن يطلقوا عليه خلال عقود ماضية تندرا اسم “نهر الذهب” يبدو أن ذلك يرجع للون مياهه التي تميل إلى الصفرة نتيجة مخالطتها لملوثات الطبيعية الموجودة في شبكات الصرف الصحي.
مخيم الإخاء
لم تنعم صالحة العلي بنوم هانئ في فصل الصيف طيلة أربع سنوات متعاقبة، قضتها في مخيم الإخاء بسبب درجات الحرارة العالية والتي ينشط معها البعوض بكثافة، ولا تملك وسيلة لدفعه سوى إغلاق جميع فتحات الخيمة أثناء النوم، تقول صالحة:” تتحول الخيمة إلى ما يشبه الفرن في الليل حتى في الأيام التي ينشط فيها الريح”.
يشغل مخيم الإخاء مساحة من الأرض تقدر بحوالي خمسة عشر دونوماً، ويبعد عن بلدة باتبو اثنين كيلومتر نحو الشمال، يفصل بينهما سرير نهر الصرف الصحي، ويقطن سكانه الخيام فقط ولا وجود للأبنية البيتونية مع انعدام شبه تام للبنية التحتية فالطرقات غير معبدة ولا يوجد شبكة لمياه الشرب ومياه الصرف الصحي تنتشر بين تلك الخيام بشكل عشوائي برغم وجود جور فنية تخدم دورات مياه جماعية قامت بإنشائها بعض المنظمات في السابق.
يقسم مخيم الإخاء الى أربع قطاعات، سكانه أغلبهم من مهجري ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، يسكنه ما يقارب أربعمئة عائلة، أي حوالي ألفي نسمة، يعانون من الصرف الصحي المكشوف الذي ينتج عنه الروائح الكريهة والحشرات والأوبئة.
مياه الصرف الصحي مشكلة عالمية
في دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية 2022 تحدثت فيها عن الآثار السلبية الناجمة عن مياه الصرف الصحي المكشوفة على الإنسان بصورة خاصة وعلى البيئة المحيطة به بصورة عامة.
أوضحت الدراسة أن مياه نسبة المياه العادمة المتولدة في المنازل في أنحاء العالم دون معالجتها معالجة مأمونة ٤٥٪ في عام ٢٠٢٠، وما لا يقل عن ١٠٪ من سكان العالم يستهلكون أغذية مروية بمياه عادمة، والمقصود بها المياه التي تخلفها تُخلّفها المصانع والشركات والمزارع، بالإضافة إلى مياه الصرف الصحي الصادرة عن المنازل؛ كمياه أحواض السباحة، والمراحيض، والاستحمام، والتنظيف، وغيرها.
كما ذكرت الدراسة أن نحو ٨٢٩.٠٠٠ شخص يموت سنوياً في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل نتيجة لنقص المياه وخدمات الصرف الصحي والنظافة، وهو ما يمثل ٦٠٪ من إجمالي الوفيات الناجمة عن الإسهال.
هواء ملوث بالرائحة الكريهة
تقع إلى الجنوب والجنوب الشرقي من مدينة سرمدا مجمعات سكنية حديثة العهد تم بناؤها في عام ٢٠٢٠، تتميز بحداثة الطراز والتصاميم المنفذة بالمقاييس الحديثة للبناء من شوارع عريضة وأبنية منارة ومهواة جيداً، ما يسمح بدخول الشمس والهواء بشكل صحي، يطلق على التجمع (قصور سرمدا)، ما يعكر صفو الحياة فيها هي الرائحة الكريهة القادمة من الجهة الجنوبية المنبعثة من صبيب مياه الصرف الصحي الرئيسي لمدينة سرمدا.
يقول سعيد وقاص:” اخترت شقتي في الطابق الثالث لإطلالتها الجنوبية الغربية، لكنني محروم من الاستمتاع بالإطلالة أيام الربيع والصيف بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من الوادي ومصدرها مجرى الصرف الصحي المكشوف”.
يشارك حسن الأبرش جاره سعيد الطابق نفسه، لكن قصته مع النهر ترتبط بموجات البرغش والبعوض التي تنشط مع قدوم فصل الصيف وتستمر أحيانا أشهر الشتاء الأولى.
يقول الأبرش:” نستخدم الناموسية القماشية كي ننعم بنوم هانئ، أحمد الله أنني لم أقم بالاستغناء عنها بعد انتقالي الى شقتي الجديدة في قصور سرمدا وتركت سكن البيوت العربية”.
تتجاوز الآثار السلبية لهذا النهر الاصطناعي، (إن صحت التسمية لكونه وادي طبيعي جاف، ولكن اليد البشرية هي من حولته الى نهر لتجميع مياه الصرف الصحي) حدود قصور سرمدا، لتتحول لمشكلة عامة تطال حتى سكان المخيمات الأشد فقراً، إذ يتابع جريانه في الأراضي الزراعية ماراً بتجمعات لمخيمات عدة كمخيم الإخاء والسلام والمحسنون والزربة، حيث تنتشر آلاف الخيام على ضفتي النهر يمينا وشمالا بسبب ضيق المساحة المسموح البناء عليها.
الصرف الصحي.. لا فرق بين الخيم والقصور
معاناة سكان المخيمات أكبر حجما وأثراً من سكان المباني الحديثة كقصور سرمدا وضاحية الشهباء المجاورة للنهر، فالنوافذ المجهزة بشبك ناعم تحمي من البعوض والذباب، كما تسمح المساحة الواسعة بتبديل رائحة المكان والانتقال عبر الشقة إلى أماكن تخف فيها الروائح، مساحة تفتقر لها الخيمة الصغيرة، ناهيك عن الأطفال الذين جعلوا من ضفتي النهر مكانا للهو والتسابق برشق الحجارة وسط المياه الراكدة، ما يجعلهم على تماس مباشر مع الأضرار الناجمة عن النهر الملوث دون أي وسائل حماية تذكر.
تأقلم الحاج عبدالله مع لسعات البعوض أو حاول التكيف معها هو يرفض النوم داخل الخيمة في فترات الصيف، ويفضل النوم في العراء تحت السماء.
تختلف الآثار الناجمة عن النهر من مخيم الى آخر تبعا لقرب المخيم منه أو بعدها عنه، هذا ما أوضحه لنا أحمد الابراهيم من سكان مخيم الإخاء بقوله:” توسع المخيم حتى وصلت الخيام الى ضفتي النهر، وفي بعض الأماكن لا تسمح لمرور حتى الحيوانات والمواشي التي يملك بعضها أبناء المخيم ليضطر الراعي لقودها على الجرف المائل للنهر”.
يضيف الإبراهيم بأن بعض المواشي تعثرت وانتهى بها الحال في النهر خلال مسيرة ذهابها وإيابها نافياً أن تكون قد وقعت حوادث لسقوط أشخاص وبخاصة الأطفال الذين يعملون كرعاة لمواشيهم أو يقضون الوقت باللعب بجانب النهر، لكنه لم يستبعد إمكانية حدوث هذا الأمر في مخيمه او في أي من المخيمات الأخرى، كون الضفتين تفتقر الى الحواجز ولا يوجد فيها أي وسائل حماية تمنع سقوط أحد ما في مياه النهر.
اللاشمانيا
تلازم ايمان ابنة الأربعة عشر عاماً خيمتها الكائنة في القسم الجنوبي من مخيم الإخاء، وذلك بعد أن ظهرت عليها إصابات مختلفة باللشمانيا في مناطق من جسمها كخدها الأيمن وكف يدها الأيسر ومنطقة الساعد الأيسر، تقول إيمان:” توقفت عن الذهاب إلى المدرسة منذ عام بسبب ظهور حبة اللشمانيا في وجهي فأنا اخجل أن أواجه زميلاتي بإصابتي وبنفس الوقت أخشى أن أنقل العدوى لغيري”.
لا ينحصر ضرر البعوض والحشرات التي تنتشر في مياه النهر بخطر اللسعات وما تسببه من ألم أو إزعاج للناس ولكن هناك خطر طبي حقيقي حيث تعتبر المياه الراكدة والملوثة، موطنا مناسبا لنمو ذبابة الرمل المسؤولة عن التسبب بمرض حبة السنة المعروفة باللشمانيا، وهو مرض جلدي يتمثل في حب يظهر مكان القرصة أو اللسعة تتطور لتتحول الى وذمة جلدية ملتهبة، تتطلب فترات علاج طويلة، تنتشر هذه الحالات وبكثرة في الأماكن القريبة من نهر الصرف الصحي خاصة في المخيمات.
الطبيبة سهى عثمان أخصائية الأمراض الجلدية، أكدت أن إصابات اللاشمانيا ما زالت أعدادها مرتفعة وأن أغلب الحالات وأشدها خطورة تلك القادمة من المخيمات، تقول:” تأتينا حالات لديها أكثر من عشرين لسعة أو إصابة منتشرة في أنحاء مختلفة من الجسم، ما يعني تعرضها للسعات عدة خلال فترة قصيرة وأن بعضها سيخلف ندبات واضحة حتى وإن تم معالجتها”.
لا يتوقف الأمر عند اللشمانيا وحدها، إذ أن هناك أمراض منها الجلدي كالحكة والحساسية وبعض الأمراض الطفيلية ومنها الداخلي كالزحار والإسهال والكوليرا المرتبطة بشكل مباشر مع الجراثيم والبكتيريا المنتقلة من المياه الملوثة الى المأكولات والفواكه والخضار سواء باللمس أو بالهواء وفق ما قالته الطبيبة سهى.
تغيبت أم حسن ذات الخمسين عاماً والأم لخمسة أطفال عن منزلها في بلدة باتبو لمدة ثمان أيام قضتها في أحد مراكز العلاج المختصة بوباء الكوليرا في دارة عزة فبرغم تعدد حالات الكوليرا في شمال غرب سوريا إلا أن المنطقة بقيت تعاني من انعدام المراكز المختصة بعلاج مرضى الكوليرا، ما اضطر المرضى إلا أن يقصدوا المراكز الموجودة في ريف حلب الشمالي.
تخبرنا أم حسن بأن تفكيرها كان محصوراً بتلك الفترة بأطفالها الخمسة، بخاصة طفلها الرضيع ذو الأربعة أشهر، وأنها كانت تستعجل الشفاء فقط لتعود إليه وترعاه، عن ذلك تقول:” معاناتي في الاحتجاز وابتعادي عن اطفالي كان أصعب من آلام المرض نفسها”.
انتشرت مؤخرا مئات الحالات المصابة بمرض الكوليرا في الشمال السوري، وبلغت حسب آخر إحصائية صادرة عن شبكة الإنذار المبكر ٩٨٦ حالة إصابة بمرض الكوليرا وخضع أصحابها للعلاج كما أوردت أن أعداد الحالات المشتبه بها والناجمة عن أمراض معوية مرتبطة مع جراثيم تكثر في المستنقعات والبرك بحوالي مئة وثلاثة وثلاثين ألف حالة موثقة.
أضرار بيئية
لو تجاوزنا حدود المخيمات والمباني السكنية، وانتقلنا إلى الأراضي الزراعية المجاورة لتلك المباني ولصبيب النهر المذكور، لرأيناها هي الأخرى معرضة للتلوث بمياه النهر، ذلك أن بعض المزارعين يلجؤون لاستجرار مياه النهر الملوثة وسقاية مزروعاته كونها أقل كلفة، ومتوفرة وقريبة من أرضه.
بحسب ما روى لنا مازن الأحمد (اسم مستعار) أحد المزارعين في محيط مدينة سرمدا ومن أبناء سهل الغاب سابقاً أنّ “سقاية الأراضي بمياه النهر الملوثة كانت منتشرة وبكثرة بخاصة في الأراضي الملاصقة لمجرى النهر، أما اليوم فهذه الظاهرة اختفت بصورة شبه تامة مع وجود بعض ضعاف النفوس الذين ما زالوا يعتمدون في سقاية مزروعاتهم على مياه النهر الملوث”، ويعزو الأحمد سبب هذا التراجع للقرار الملزم الذي أصدرته مديرية الزراعة التابعة لحكومة الإنقاذ.
وكانت مديرية الزراعة التابعة لحكومة الإنقاذ قد أصدرت قرارها بتاريخ التاسع من آذار ٢٠٢٢ بمنع استخدام مياه الصرف الصحي في سقاية المزروعات باستثناء المحاصيل العلفية كالبرسيم والجلبان، هذا ما بينه لنا السيد المهندس تمام الحمود، مدير عام مديرية الزراعة في محافظة ادلب.
حكومة الإنقاذ في إدلب هي هيئة إدارية تأسست في شمال غرب سوريا عام ٢٠١٧، وتهدف إلى توفير الخدمات الأساسية والإدارية في المناطق التي تخضع لسيطرتها. تعتبر حكومة الإنقاذ جزءاً من المعارضة السورية وتسعى لتأمين الخدمات مثل الصحة والتعليم والإمدادات الإنسانية في المناطق التي تديرها.
أوضح الحمود أنّ “المديرية اتبعت تعميمها السابق بتعميم لاحق بعد ستة أشهر بالتحديد يقضي بمنع إستخدام سقاية المزروعات أياً كان، وذلك بسبب عدم التزام قسم كبير من المزارعين بالتعميم السابق، وذكر بأن الإجراءات المتخذة بحق المخالفين تبدأ من قلب المحصول بواسطة فلاحة الأرض بالإضافة لتغريم المزارع ماليا وتصل الى حدود السجن والغرامة حال تكرار ذات المخالفة”.
وأضاف الحمود أنّه وبعد ورود تقارير طبية صادرة عن وزارة الصحة التابعة لحكومة الإنقاذ بازدياد حالات الأمراض المعوية وحالات الإصابة بوباء الكوليرا بالشمال الغربي وربطها بالمواسم الزراعية الملوثة بمياه الري، سارعت المديرية لإصدار التعميمين المذكورين والعمل على تنفيذهما بالسرعة القصوى.
جهود متواضعة لحل المشكلة
المهندس مصطفى الديبو، رئيس بلدية مدينة سرمدا، قال إن “هناك صعوبة كبيرة في تحويل مجرى النهر الحالي بعيداً عن المناطق السكنية بسبب طبيعة الأرض والعوائق الموجودة فيها، فالنهر يعود لأكثر من خمسين سنة مضت، والأجدى عدم اقتراب المناطق السكنية من صبيب النهر كونه موجود قبلها لمدة طويلة”.
كما أشار إلى أنه بعد ازدياد المطالبات بالتخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن مجرى الصرف الصحي المكشوف وبعد إجراء العديد من الدراسات، والتي توصلت إلى مشروع يعمل على تغطية مجرى النهر الملوث مع المحافظة على مكانه بحسب الميل الطبوغرافي للأرض.
مما سيخفف من الآثار المنبعثة من مجرى النهر، بعد أن يتحول ضمن أنابيب بقطر واحد متر وعلى مسافة تمتد الى حدود ثمانية كيلومترات، مع فتحات منتشرة على طول الخط لإجراء عمليات الصيانة المستقبلية دون الحاجة الى الحفر، وفق ما قاله الديبو.
ويعد مشروع الصرف الصحي في مدينة سرمدا من المشاريع التنموية الضخمة، ويتبعه مرحلة ثانية تمتد من بلدة كفر دريان وصولاً إلى بلدة كللي وضمن خطة مستقبلية لتغطية مجرى النهر بالكامل.
مشكلة النهر ليست حالية، وإنما مضى عليها عقود طويلة، بحسب ما قاله أحمد قباع رئيس مجلس محلي مدينة سرمدا، مبيناً أهمية مشروع الصرف الصحي المنفذ حالياً في حماية المياه الجوفية ووقايتها من التلوث.
ونفى قباع وجود أي حالة تلوث للمياه الجوفية في الآبار الارتوازية القريبة من مجرى النهر سواء في السابق او اليوم، إذ قال: “لو أمكن إيجاد محطات تنقية وتكرير لمياه الصرف الصحي لكان ذلك اجدى اقتصادياً، حيث يمكن إعادة استخدام المياه في عمليات الري بصورة آمنة لكن هذا يتطلب إمكانيات هائلة لا تتوفر اليوم”.
لا يزال الحاج فرج يعتني بزوجته التي بدأت تتماثل للشفاء قليلاً، لكنهما يتخوفان من أن تنتقل العدوى إلى فرج فيتعذر عليه إعالة زوجته التي تجلس يومياً أمام خيمتها وهي تنتظر بلهفة وشوق عودة أبنائها إليها علهم يعينوها في سنوات عمرها الأخيرة.