نصدق الناجيات…بيان ضد التحرش والتمييز في قطاع الإعلام
٢٥ آب ٢٠٢٠ – تداولت وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام في الآونة الأخيرة موضوع نشر شهادات تتهم الصحفي المصري هشام علام بالتحرش الجنسي والاغتصاب، خاصة تلك التي نشرت على مدونة “دفتر حكايات” موثقةً ست حالات تحرش جنسي واغتصاب تعرضت له صحفيات من المنطقة من قبل الصحفي المذكور في السنوات الأخيرة. وعلى ذلك، تستنكر مؤسسة شبكة الصحفيات السوريات الكم الهائل من العنف الذي تتعرض له الصحفيات والذي يبقى في الغالب مسكوتاً عنه بسبب الخوف والتهديد بالفضح.
الجديد في هذه القضية شيئان، الأول التشكيك بالشهادات التي شاركتها الناجيات مع مدونة “دفتر حكايات”، والتي نجدها منصة في غاية الأهمية لتصديق الناجيات وفتح مساحة بديلة لهن لمشاركة تجاربهن وتوثيقها دون أحكام أو قيود كقضية عامة وليست خاصة بالناجيات فقط، وثانياً، وجود فرصة للقضاء للبت بهذه القضية باعتبار أن الصحفي المذكور يرفض الاتهامات وسيلجأ للقضاء المصري. لم يكن القضاء ولا مؤسسات الدولة في أغلب دول المنطقة ملجأ عادلاً لهذه القضايا، نود أن نؤمن بأن يكون القضاء الذي سيبت في هذه القضية عادلاً ويأخذ بعين الاعتبار الامتيازات المعلنة وغير المعلنة لكل أطراف القضية وأن يكون لجانب الضحايا.
نرغب في شبكة الصحفيات السوريات التأكيد على أن الممارسات الذكورية القامعة يمكن أن تأتي من نساء أيضاً وفي هذه القضية نجد أن محاولة تكذيب الشهادات التي تم نشرها على المدونة من قبل إمرأة ما هي إلا واحدة من تلك الممارسات القمعية والعنيفة التي تعزز ثقافة القمع وتودي إلى إسكات النساء في الحديث عن العنف الذي يتعرضن له وفضح المتحرشين. ولا نعتبر أن طعن إمرأة بشهادات الناجيات أمرٌ يعطي شرعية للتشكيك بتلك الشهادات، فقط لكونها إمرأة، لذلك نعلق أي تعاون مع الصحفية راما ديب التي قامت بتزوير واحدة من الشهادات في الفيديو الذي نشر في تاريخ 21 آب/أغسطس حتى التحقق من كل جوانب القضية.
تلك الممارسات تاريخية وتساهم في تقليص مساحة الأمان في القطاع الإعلامي وتخلق بيئة عمل غير آمنة للصحفيات. كما تؤدي هذه الممارسات العنيفة إلى عرقلة سعينا نحو عدالة اجتماعية للجميع نساء ورجالاً من أعمار وخلفيات ثقافية وقابليات جسدية متنوعة ومختلفة.ويهمنا في هذا البيان لفت انتباه المؤسسات الإعلامية إلى أهمية التصدي والعمل على منع وعقاب تلك الممارسات بشكلِ ينهيها ويحد منها ويشجع الصحفيات على التبليغ عنها. وعلى ذلك نرغب بتنبيه المؤسسات الإعلامية إلى بعض الأسباب التي تؤدي إلى زيادة التحرشات ضد الصحفيات والتي تقوض من سعينا نحو مجابهتها، وتتضمن تلك:
- القوانين اللينة على المستوى العام وعلى مستوى المؤسسات التي تتهاون في التعامل مع شكاوى الصحفيات فيما يخص التحرش والعنف، ولا تطبق عقوبات رادعة مناسبة ضد المنتهكين
- الخوف العام الذي تعيشه النساء والذي يمنعهن من التبليغ عن الممارسات المُسيئة بحقهن في إطار المؤسسات،
- الخوف من الفضيحة والتشهير والتسكيت والتشييء الذي عادةً ما تتعرض له الصحفيات إذا ما بلّغن عن التحرشات عامة والجنسية خاصة،
- الثقافة “الذكورية القامعة والعنيفة ” السائدة والبالية التي تلقي اللوم على الضحية الناجية من التحرش، بدلاً من عقاب المعتدي،
- انعدام وجود سياسات وثقافات واعية ورادعة للمتحرشين والمعتدين، إذ يطمئن ذلك المتحرش الذي عادةً ما يفلت بلا عقاب.
- الوضع القانوني لعدد من الصحفيات المتواجدات في دول لجوء والذي يحول في كثير من الحالات دون قدرتهن على التقاضي والادعاء
كما نجد في هذه الحادثة فرصةً لدعوة المؤسسات الإعلامية خاصة ومؤسسات المجتمع المدني عامةً في المنطقة إلى العمل سوياً للتصدي لتلك الممارسات القمعية ومجابهتها، لنسعى معاً على إحقاق الحقوق والوصول لعدالة اجتماعية للجميع بغض النظر عن جنسهن وهوياتهن المختلفة. وعلى ذلك نطالب بعمل جماعي يسعى إلى:
- تعديل التشريعات القانونية بشكلٍ يُمركز سلامة وأمان الناجيات والضحايا، في مناطق تواجدهن المختلفة.
- إقرار تعريفات واضحة للتحرش والعنف بكافة أشكاله سواء كان جنسياً أو جسدياً أو نفسياً أو افتراضياً عبر وسائل التواصل الإلكترونية.
- خلق آليات حماية رسمية وغير رسمية للناجيات والضحايا من تلك الممارسات القمعية.
- خلق ثقافات مؤسساتية ومجتمعية رادعة للجاني والمعتدي، بدلاً من إلقاء اللوم على الضحايا والناجيات.
- زيادة الوعي المجتمعي حول الضرر الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي تسببه هذه الممارسات للضحايا والناجيات.
- تبني سياسات وإجراءات محددة تساهم في خلق بيئة عمل آمنة وداعمة وذلك على مستوى مؤسساتنا والمؤسسات الحليفة والشريكة
ختاماً، نأمل أن تكون هذه الدعوة بدايةً لتضامن عابر للحدود ولعمل جماعي جاد نحو الحد من تلك الظاهرة، إذ تقع على كاهلنا كمؤسسات إعلامية ومؤسسات مجتمع مدني مسؤولية التصدي لتلك الممارسات والحد منها، فنحن مسؤولون ومسؤولات إذا سكتنا عن تلك الممارسات بغض النظر عن أماكن تواجدنا ومناصبنا وخلفياتنا.