نيڤين حوتري
وقت كنت بالغوطة كنت طل من شباك غرفتي على جبل قاسيون البعيد، كنت شوف البيوت المضواية بالشام، من غوطتنا المحاصرة.
ياما كنت اسمع صوت نزار وهو عم يقول: “هذي دمشق وهذي الكأس والراح .. إني أحب وبعض الحب ذباح”، كنت اتخيل مشاعره وهو منفي عن بلده.
ما بخفيكم كنت متأملة بيوم التقي بدمشق، وكان ببالي مشهد اللقاء حيكون: “مآذن الشام تبكي إذ تعانقني”.
للأسف لما التقيت دمشق بتاريخ 26 أذار 2018 بعد غياب أكثر من خمس سنين. كان اللقاء جاف جدا.ولا كأنو هي دمشق ولا كأني انا المشتاقة يلي ضليت انتظر هل يوم سنين.. ابدا ما كان يخطرلي نلتقي وأنا بطريق المنفى..
كانت الدنيا ليل، مرقنا من طريق برزة،الناس على الطريق عم تتفرج على قافلتنا المهجرة بصمت وفي منهم بفرح.
عمل للفنانة عزة أبو ربعية
طول فترة وجودي بالغوطة وأنا بحالة شوق للشام،لكتير تفاصيل صغيرة بشوارع الشام، اليوم بخجل من حالي اعترف إنه ما ضل ولا شوية شوق للشام.
الصراحة ما بعرف إذا كان السبب هو خيبة الأمل..الخذلان..الخيانة يلي حسيتها بهداك اليوم من ورا شباك الباص.أنا يلي قضيت عمر على شباك غرفتي عم غازل الجبل البعيد يلي عنده أهلنا وحبايبنا..هيك كنت اتأمل، أو يمكن شوقي للغوطة ملا قلبي وصارت دمشق محبوبتي التانية.
رغم هيك مبارح وأنا عم اتفرج على النباتات يلي بمكتبي قلت للحاضرين لسا ناقصكم ياسمينة، على رأي نزار قباني:” للياسمين حقوق في منازلنا”.الياسمينة هي بيت جدي وطفولتي، هي بيت العيلة وريحتها الفايحة بالمكان.
هي ثورتنا البيضا السلمية..
ثورتنا يلي مهما صار ووين ما تهجرنا.. رح نطالب فيها وما نخذلها
*******
آخر أيامنا بالغوطة.. لما صدر الحكم بالمنفى وتقرر التنفيذ بعد يومين، صرت لف بالشوارع القليلة يلي حوليي.تصورت صور عشوائية.. صورت فيديو صغير عم قول فيه تاريخ اليوم واسم المكان، صرت اصفن بالحيطان والشوارع المدمرة، صورت ولادي بالشوارع قبل الفراق، جبت معي حجار من الغوطة، وعدت ولادي نضل محتفظين فيهن طول ما نحنا بعاد عن أرض غوطتنا.
زمان كنت اكره روح على المطار، لأن كان بيعنيلي وداع.. لحظات الوداع الأخيرة تمت بدون مطار، بأيام رافقتنا الطيارة بأسوأ صورة.
تم استخدام هذه المقاطع من صفحة نيفين حوتري على الفيسبوك وبإذن من الكاتبة.