شهر على الزلزال، والسوريات/ون وحدنا!
شهر على الزلزال، والسوريات/ون وحدنا!
يمرّ شهرٌ على كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا وجنوب تركيا في السادس من شباط/ فبراير المنصرم، مخلّفاً خسائر بشرية وصلت إلى أكثر من 50 ألف ضحية، من بينهم 5914 ضحية داخل سوريا على الأقل، دون وجود إحصاءٍ دقيق لعدد السوريين والسوريات الذين/ اللواتي قضوا/ين في تركيا وتجاوز عددهم/ن 4267 شخص بحسب وزير الداخلية التركي، في حين تقدّر الأمم المتحدة عدد السوريين والسوريات ممن ستؤثر عليهم/ن أضرار الزلزال وتداعياته بحوالي 8.8 مليون شخصاً.
كارثةٌ طبيعية في سياقٍ غير طبيعي عاشه السوريون والسوريات طوال 12 عاماً، اختبروا/ن خلاله أشكالاً من الموت والقهر، بعد أن قادتهم/ن أحلام التغيير والحرية نحو الشارع، ليواجهوا/ن كافة أنواع العنف، بدءاً من الرصاص الحي مروراً بالقذائف، والقصف المدفعي والصاروخي، والبراميل المتفجرة، إلى حصار المدن والتجويع، والاعتقال والموت تحت التعذيب، والمجازر الجماعية، والأسلحة المحرّمة دولياً مثل الكيماوي، والتهجير القسري والنزوح واللجوء، 12 عاماً راح ضحيتها أكثر من 400 ألف مدني، ومن لا يمكن إحصاء أعدادهم/ن ممن قضوا/ين غرقاً وبرداً في محاولاتٍ للنجاة.
يموت السوريون والسوريات مرةً أخرى، حتى في الأماكن التي ظنّوا أنّهم/ن صاروا/ن فيها آمنين/ات، ومن عرف/ت النجاة لا يعرف/تعرف أين له/ا أن يجد/تجد سقفاً مرةً أخرى، وكيف له/ا أن يبني/تبني حياةً بعد أن خسر/ت كل شيء، لكن العالم اعتاد هذا الموت، اعتاد صوت الاستغاثة، واعتاد السوريات والسوريين بدورهم/ن على خذلان المجتمع الدولي، وأصوات التضامن الخافتة.
شهادات عن 6 شباط :
من الصعب جداً فهم ومتابعة ما عاشه كل من اختبرن/وا الزلزال أو كيف مرّت اللحظات الأولى عليهن/م، وفي مساحة الاطمئنان على الصحفيات والمدافعات عن حقوق الإنسان في شمال غرب سوريا وجنوب تركيا، شاركن معنا بعض التفاصيل مما عشنه عند حدوث الزلزال، والتي تمّ نشرها تباعاً ضمن سلسلة شهادات الصحفيات.
عن تلك الليلة، تروي لنا سلام زيدان، وهي صحفية مقيمة في مخيمات الشمال السوري بالقرب من مدينة الدانا: “ليلة 6 شباط 2023، استيقظت فزعةً على اهتزازٍ قوي دون إدراك ما يحدث، استغرقني الأمر لحظاتٍ لاستيعاب أن ما يحصل هو زلزال، أمسكت بزوجي وأولادي وبدأت بالصراخ، علينا الخروج قبل تهدّم المنزل فوق رؤوسنا، شعرت مباشرةً بألم المخاض كوني في الأشهر الأخيرة من الحمل، ترافق الألم مع فزعٍ يحبس الأنفاس خوفاً من أن ألد الآن فيما يتهدّم المنزل” وتضيف: “بدأت أسمع أصوات انهيارات البيوت وتهدّمها مع صوتٍ مرعبٍ للزلزال، كانت لحظاتٌ تحبس الأنفاس وأصعب من الموت بعينه، اضطررت بعد ذلك إلى مغادرة البيت والخروج إلى الشارع بسبب تصدّع بعض الجدران وانهيار بعضها الآخر، والتكسّر الذي أصاب بعض أساسات البيت”.
بدورها تحدثت الصحفية والناشطة رهف الإدلبي، والتي تعيش في تجمع مخيمات أطمة الحدودية شمال إدلب، عما اختبرته في تلك الليلة: ” السادس من شباط تاريخٌ سيحفر في ذاكرتي طوال حياتي، الليلة التي أسميتها كحال أغلب السوريين، بزلزال السوريين، ليلةٌ صعبة، مخيفة وطويلة، اختلطت خلالها أصوات المطر والرياح القوية مع صوت الزلزال الذي نختبره لأول مرة في حياتنا، والأصعب من كل هذا أصوات رعب الأطفال، لم أشعر بالخوف على حياتي لكني حتماً خفت خسارة أحد أطفالي مجدداً”، وتضيف رهف وهي تصف وضع منزلها وأحبائها: “بعد خسارة ثلاثة أطفالٍ بسبب قصف الطيران الروسي على منزلي، لم أكن لأفكر بالنجاة بحياتي أبداً ولا في إنقاذها، كنت خائفةً على أطفالي المذعورين، خائفةً من المنزل الذي تصدّع، منزلي بدأ يتشقق وهو من الأساس لم يكن مؤهلاً للسكن، فكلنا نعيش في خيامٍ على أنها منازل، مجموعةٌ من الجدران لم تعد الآن موجودة”، وتختم بقولها: “أثّر الزلزال علينا وفقدنا الكثيرين من أحبائنا و أقربائنا وحفر في قلوبنا لحظاتٍ لن ننساها أبداً”.
بينما تحدثت رامية الأخرس من وكالة SY+، عن مدينتها سلقين. “المنطقة أصبحت شبه منكوبة الآن. لقد عشنا واحدةً من أقسى اللحظات، وقد لا يشبهها سوى ما عشته سابقاً حين تعرضت مع أطفالي للحريق”، وعن لحظة وقوع الزلزال تقول رامية: ” كنت نائمةً إلى جانب أطفالي ولم أعرف ما علي فعله، أيقظتهم وحضنتهم، صدقاً، وبدأت بالبكاء والتحضّر للموت. كان الشعور صعباً، انتظرنا إلى أن انتهت الهزّة ونزلنا إلى الشارع، كنت في موقفٍ صعب حيث أنّني دون سند، لا أحد بجانبي كي يساعدني في إنزال أطفالي إلى الشارع وينقذهم معي، بالأخص وأننا قد عشنا النزوح أكثر من مرة، فبدايةً نزحنا من قريتنا وانتقلنا حتى وصلنا هنا إلى سلقين بين عدة أمكنةٍ من سكنٍ أو بيت”، وتضيف: “كانت مسؤوليتي كبيرة تجاه بيتي وعملي، الذي لا يمكنني تركه أبداً، خاصةً في ظل عدم وجود معيلٍ بديلٍ لعائلتي، وهناك أيضاً مسؤوليتي تجاه بلدي وعملي كوني مراسلةٌ صحفية من واجبها إيصال الصوت والصورة. في لحظة الهزة، وعند نزولنا إلى الشارع، ولحظة وقوع الزلزال الثاني، كنت أفكر في كلّ المسؤوليات التي تقع على عاتقي”. وتكمل عن وضعها الحالي: “أسكن حالياً مع أهلي في المخيّم، في خيمتهم، أو أنتقل لخيمة أختي في بعض الأحيان، فالبيوت في سلقين متضررةٌ بشكلٍ كبير، لا نعلم ما إذا كانت صالحةً للسكن، الوضع مأساوي وتجربة النزوح صعبة”.
لم يكن الوضع أفضل حالاً بالنسبة للصحفية والناشطة منيرة بالوش المقيمة في تجمّع مخيّمات كفر لوسين، شمال إدلب، والتي تفتتح رسالتها قائلة “مرحبا، إن شاء الله أن تكونوا بخير، لأننا لسنا بخير”. وتكمل واصفةً الحالة السائدة بدقة: “بعد التهجير من دمشق، وهَرَبِنا من قصف النظام، وما عشناه من حصارٍ وقصفٍ ونزوح، ليأتي أخيراً الزلزال. ثلاثة أيّامٍ كأنّها دهر، ولحظاتٌ لا يمكن أن ننساها”، وتضيف عن ليلة 6 شباط: “استيقظت أنا وأطفالي كملايين الناس المتواجدين في الشمال، كأنّه يوم القيامة! كانت الأرض تهتزّ تحت أقدامنا، أولادي بدأوا بالبكاء واختلطت أصواتهم مع أصوات الجيران الهاربين من بيوتهم. لحظاتٌ طويلة لا تنتهي، حصدت معها أرواح آلاف البشر المنكوبين، المهجّرين والنازحين. بيوتنا تشققت وتصدّعت، والبيوت من حولنا سقطت وأخذت معها أرواح قاطنيها. الوضع في الشمال مأساوي، لا يوجد كلامٌ يصف ما نعيشه. أتمنّى أن تقفوا إلى جانبنا وأن تكونوا دعماً لنا. رغم كلّ ما يحصل، حاولت متابعة عملي كصحفية وأن أنقل أخبار المنطقة كي تصل إلى العالم أجمع، علّ أحدًا يتحرّك وينقذنا، يتحرّك بشكل إنساني، لأنّنا لسنا بخير!”.
جنوب تركيا حيث كان الزلزال هائلاً أيضاً، وأقرب للمركز، حيث حصد أرواح عشرات الآلاف من الأتراك والسوريين/ات على حدٍّ سواء. أخبرتنا زميلتنا في مؤسسة شبكة الصحفيات السوريات الصحفية لما راجح المقيمة حينها في غازي عنتاب عما عاشته في لحظات الزلزال ضمن شهادتها المصورة بعد ثلاثة أيام من الزلزال الأول حيث كانت تقضي معظم أوقاتها في تلك الأيام في السيارة، وتقول: “أتحدث حالياً من غازي عنتاب، في اليوم الثالث بعد الزلزال، زلزال السادس من شباط الذي ولد تروما (صدمة) حقيقية ورعباً حقيقياً” تضيف لما واصفةً ما حصل معها: “ركضت لحظتها إلى الشارع دون أن أعي ما يحدث، وقفت أمام منزلي والبناء يترنح وجدرانه تتشقق، تساءلت إن كان ما يحصل قصفاً، فعقلي كان بحاجةٍ إلى وقت كي يستطيع استيعاب أن ما يحصل هو زلزال”، وتكمل :”رعب حقيقي بكلّ معنى الكلمة عاشه كل الناس، بعضهم ركض بثياب النوم، وآخرون ركضوا حفاة، وآخرون أخذوا أطفالهم/ن فقط وخرجوا”. وعما حصل لاحقاً تضيف لما: “للأسف ما زالت الهزات الارتدادية تؤثر بنا جداً على الصعيد النفسي، مؤلم ما يحدث لحد (فرط) انهيار الأعصاب، ولا نعرف ما الذي ينتظرنا. خلال فترة الاستجابة الأولى بقينا ثلاثة أيام في الشوارع، ننام في الحدائق والسيارات، وصارت غازي عنتاب مدينة أشباح، بعض الناس لجأت إلى المدارس وغيرها إلى الجوامع، إلا أنها لم تكن آمنةً أيضاً، في حين كانت درجات الحرارة تصل ليلاً إلى 1 أو 2 تحت الصفر، ناهيك عن ما كنا نواجهه من انعدام الاحتياجات الإنسانية الضرورية من دواء وغذاء، فكانت الصيدليات ومحلات بيع الأغذية مقفلة”، كما تناولت لما وضع متاجر الأغذية في تلك الأيام وصعوبة الوصول إلى الخبز والذي يحتاج ساعاتٍ من الانتظار، إضافةً إلى فقدان المازوت والبنزين وتوقف وسائل التدفئة، كذلك الأمر بالنسبة للمياه. وعن حال الناس في تلك الأيام الأولى تقول: “يحاول الناس هنا الاستمرار، لكن لا أعرف إلى متى، يحاول الكثيرون الخروج من المدينة ومن بينهم أنا، فالوضع صعب جداً يفوق طاقتنا، بالإضافة لصعوبة وضعنا كسوريين/ات في تركيا والقيود على الحركة”، وتختم بقولها “في الحقيقة ليس هناك الكثير من الكلام ليقال، الله يفرجها علينا ويحمي الناس جميعاً، وإن شاء الله هي أزمة وستمر، بأمان الله!”.
زميلتنا دعاء محمد أيضاً من مؤسسة شبكة الصحفيات السوريات قرّرت التطوع للمساعدة في أنطاكيا، وقد شاركتنا في فيديو مصور بعضاً مما عاشته هناك:
“أتينا إلى أنطاكيا بهدف مساعدة عوائل سورية في الوصول إلى أهلهم-ن، إحدى العائلات أعطت لنا العنوان ورقم واسم البناء، لكننا عند وصولنا لم نجد بناءاً بل دماراً، نحاول فقط معرفة ما إذا كان البناء ضمن هذه الأبنية المدمرة والتي يصل عددها إلى 12 بناءاً، الوضع كارثيّ الى حد لا يمكن أن تعي مداه”. وفي وصفها لحال مدينة أنطاكيا وحال قاطنيها في مشهدٍ استطاعت أن تراه كاملاً بوقوفها بجانب نهر العاصي في الجهة المقابلة للدمار تقول دعاء: “مدينة أنطاكيا من أكثر المدن المتضررة من الزلزال، خسرت آلاف العوائل بيوتها وآلافٌ بقيت عالقةً تحت الأنقاض، عائلاتٌ بأكملها قضت أثناء عمليات البحث”.
السوريات والسوريون في مواجهة العالم
انطلقت منذ اليوم الأول منظمات المجتمع المدني والصحفيات والمدافعات عن حقوق الإنسان المناشدة والاستغاثة بشكلٍ واضح بحثاً عن التضامن والإنقاذ، بحثاً عن فتح المعابر ووصول الكوادر الخبيرة، وبحثاً عن الاستجابة الدولية التي كانت، كما اعتادها السوريات والسوريون، ضئيلةً وخجولة وخافتة. خلال الأسبوع الأول لم تصل إلى شمال غرب سوريا أيّ مساعداتٍ طارئة أو فرق إنقاذ للاستجابة لكارثة الزلزال، باستثناء شاحناتٍ أمميّة مجدولة مسبقاً وصلت في اليوم الرابع. وقع عبء الإنقاذ والإغاثة على كوادر محلية مستنزفة بموارد بشرية ولوجستية ومالية محدودة، في مواجهة كارثةٍ تحتاج إلى موارد دولٍ وحكومات.
فبعد أيامٍ على مرور الزلزال الأول أرسلت لنا الصحفية حنين السيد من شمال سوريا والتي تقيم حالياً في مدينة عفرين شهادةً تصف أوضاع فرق الإنقاذ: “بدأت تظهر علامات اليأس على طواقم الاستجابة وفرق الدفاع المدني، لقد بدأوا بجرف الركام بـ (التركسات) عسى أن يجدوا أحداً ما زال على قيد الحياة تحت الأبنية التي وقعت فوق رؤوس الناس وهي نائمة في الرابعة فجراً” وتضيف :”الوضع مأساوي، رغم مرور الوقت من يوم الزلزال لغاية هذه اللحظة، بعض الناس ما زالوا يخرجون أحياء، وهناك آخرون ينتظرون بأملٍ أن يجدوا أحبائهم-ن تحت الركام على قيد الحياة”.
كذلك وجهت الصحفيّة رهف الإدلبي حديثها حول العجز الذي رافق الناس في ظلّ صمت العالم عن مأساتهم “وقفنا عاجزين أمام الناس، عاجزين عن إخراج الناس الذين ينادوننا تحت الأنقاض، ونحن نعلم أنهم من الأطفال والعجز ينتظرون وكلهم أمل، لكننا خُذلنا وخذلناهم، والآن إن أرادوا التغطية على هذا الخذلان لن يستطيعوا، لكن نرجو أن يقدموا الدعم الطبي، لا نطلب أكثر من ذلك”
وعلى الرغم من تدفق المساعدات الدوليّة إلى تركيا بعد إعلانها حالة الطوارئ، لم يكن وضع السوريين/ات في تركيا أفضل، الكارثة وقعت على كلّ سكان الجنوب التركي من سوريين/ات وأتراك، لكن تبقى أوضاع السوريين/ات القانونية والمادية تزيد من شدة وطأة الكارثة عليهم/ن، زميلتنا في شبكة الصحفيات السوريات يمامة العبيد أخبرتنا في فيديو مصوّر عن أحوال السوريات/ين في تركيا وتحديات قد يواجهنها/ونها بعد الزلزال والآثار المترتبة على خساراتهم/ن في الكارثة، تقول يمامة: “وضع السوري/ة في تركيا معقد، هذا يعني أنّه/ا لا ي/تتعامل مع الأزمة كإنسانٍ/ة عادي/ة ي/تتعرّض لكارثة، بل إنّه/ا ي/تتعامل مع الأزمة كإنسانٍ/ة سوري/ة حياته/ا مليئة بالتعقيدات، وكلاجئ/ة في آخر السلم الاجتماعي، وفوق هذا كلّه ت/يتعرّض لأزمة -بهذا الحجم-” وتضيف يمامة أن حديثها يشمل “أكثر من ثلاثة ملايين سوري وسورية متواجدين/ات في تركيا، أكثرهم موجودين/ات في الخط الجنوبي من المدن المتضررة، آلاف منهم/ن فقدوا/ن أرواحاً، فقدوا/ن بيوتاً، فقدوا/ن كلّ ما استطاعوا/ن تحقيقه في تركيا”. وتؤكد أن “معظمهم/ن أو العدد الأكبر منهم/ن يسكنون البيوت الأضعف، الأرخص و الأفقر في العشوائيات، وعدد كبير منهم/ن لديه/ا مشكلة في الوثائق”.
وعن المصير الذي يواجهه السوريون/ات بعد الزلزال ترى يمامة أن الأزمة سوف تتفاقم أكثر٬ خاصةً وأن الكثيرين/ات فقدوا/ن الوثائق الثبوتية التي يصعب تجديدها أو الحصول عليها مجدداً.
وعن الاستجابة تقول يمامة: “هناك الكثير من دور الجرحى المنتشرة على الحدود تستقبل المرضى السوريين/ات الذين/ اللواتي يأتين/تأتين من الشمال بشكلٍ دوريّ حسب الإحالة الطبية، وهناك الكثير من البيوت غير الرسمية التي تستقبل سوريين/ات وتؤويهم/ن وتقدّم لهم/ن الطعام خلال جلسات العلاج أو بعد الخضوع لعمليّات جراحية، هؤلاء أيضاً وضعهم/ن غير معلوم وغير واضح بحكم أنّه بالأساس لا يوجد في الشمال أو في إدلب مستشفيات حديثة تستطيع التعامل مع مرضى القلب والسرطان والحروق العميقة وغيرها من الأمراض”.
يعيش السوريون/ات قبل الزلزال تحدياتٍ عدة على مختلف المستويات الإنسانية والقانونية والحقوقية في سوريا ودول الجوار، وزاد الزلزال من تعقيداتها حتى جعلهم/ن في مواجهة مصيرٍ لا يمكن أن يُشاح النظر عنه. مهما تمسّك السوريون/ات اليوم بتضامنهم/ن ومساندتهم/ن للمتضررين/ات من هذه الكارثة، وتابعوا/ن جهودهم/ن الفردية والمحلية في الإغاثة والدعم، تبقى مساءلة النظام الدولي من منظماتٍ إنسانية وأممية وحكومات تملك الصوت والحجة والقرار أمراً لا بدّ منه، ويبقى غضب السوريين/ات قائماً حول خفوت أصوات التضامن وتخاذل الجهات القادرة على التدخل، حول التعود على موتهم/ن وأخبار مصائبهم/ن٬ حول عزلهم/ن عن كونهم/ن جزءاً من هذا العالم، جزءاً من الإنسانية التي فُقدت بعد تركهم/ن وحيدين/ات في مواجهة عنف السلاح والعسكر وتحت رحمة أهوال القادة والحكام وسلطات الأمر الواقع، واليوم تحت رحمة كوارث الطبيعة.
&