“هاد المجال للرجال” نساء يتحدثن عن تجاربهن في ممارسة المهن القانونية

“هاد المجال للرجال” نساء يتحدثن عن تجاربهن في ممارسة المهن القانونية

الصحافية:شغف البري

“تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع «تمكين الجيل القادم من الصحفيات السوريات» بالشراكة بين مؤسستي «شبكة الصحفيات السوريات» و «حكاية ما انحكت». أُنتجت هذه المادة بإشراف الصحافية مروة الغفري.”

بنظرات متفاجئة وشهقة طويلة مترافقة مع عبارة “ما لقيتي غير هاد الفرع؟” اعتادت سيدرا على ردة فعل الأشخاص الذين يسألونها عن تخصصها في الجامعة، فيكون جواب “أدرس علوم جنائية” كفيل بأن يمطر سيدرا بالعديد من التعليقات السلبية مثل “هذا الفرع غير مناسب للفتيات” و”هناك أفرع عديدة ضمن الجامعة تستطيعين اختيارها بدلاً من هذا التخصص”. تحاول سيدرا أن تتجاهل هذه التعليقات مراراً بعد أن سئمت في الدفاع عن رغبتها في ارتياد هذا الفرع.

“بيمسكو أيدينا بقوة، وكأنهن عم يلتمسو القوة من وجودنا معهن بهذا المكان الموحش، نتعامل معهن كأنهن أخوات إلنا، ونحاول أن نلبي لهن كل احتياجاتهن حتى الخاصة منها يلي ما بيتجرؤوا يطلبوها من أفراد الشرطة الذكور، ومنتأكد أنه ما يتم تحويلهن للتحقيق حتى يكونوا مؤهلات نفسياً للحديث.”

بهذا المشهد لخصت حميدة الناشد، مستشارة الصحة المجتمعية في شمال سوريا في مدينة أخترين، الأسباب التي دفعتها للانضمام لقسم الشرطة في مدينة حلب، حيث شغلت منصب رئيسة الشرطة النسائية في عام ٢٠١٥.

أنشأت حميدة قسم شرطة نسائية بمفردها في البداية ضمن مبنى خاص بالنساء، بعد الانتهاكات الكثيرة التي كانت تتعرض لها النساء في مراكز الاحتجاز والشرطة، والتي وصلت إلى حادثة اغتصاب لإحدى السجينات الموقوفات في أحد المراكز الأمنية شرقي مدينة حلب على حد قولها، وفيما بعد استقطبت بعض النساء والسيدات اللاتي عملن معها في المركز.

تقول الناشد إنّ “الكثير من التجاوزات والأخطاء تحدث أثناء ممارسة العمل بالقضايا التي تخص النساء خصيصاً في المراكز الأمنية التي يشغلها الذكور، فمن المهم وجود عنصر نسائي في مراكز الشرطة لحفظ كرامة المرأة، وضمان حماية خصوصية النساء أثناء التحقيق والتفتيش والإيداع في النظارة.”

حلم ضائع بسبب قولبة النساء في إطار العاطفة 

“وُضِعتُ بين خيارين أحلاهما مر، إما التنازل عن رغبتي في الحقوق أو نسيان الجامعة بشكل نهائي”، تقول دارين (١٨ سنة، اسم مستعار، تقيم في مدينة أطمة) عن حلمها الذي رافقها منذ صغرها بأن تدرس الحقوق، ودعم أهلها لقرارها خلال سنوات دراستها في المدرسة.

مع تنهيدة عميقة تتابع دارين “بعد نجاحي في البكالوريا بمعدل عالٍ يؤهلني لدراسة الفرع صُدمت بردة فعل عائلتي بالرفض، بحجة أن المجال مخصص للشباب وغير مناسب للمرأة، احتجوا أن المرأة تحكم بعاطفتها لا بعقلها، والأخطار التي يمكن أن تتعرض لها النساء كثيرة في هذه المهنة، لا سيما بظل الوضع الأمني في «المحرر»، بالإضافة لعدم وجود مستقبل لهذا المجال، بسبب قلة فرص العمل بعد التخرج، وأنا بحاجة للعمل والاستقرار المادي.”

لم تُجدِ كل محاولات دارين بإقناع أهلها للعدول عن قرارهم، حيث قوبلت بالرفض القطعي من قبلهم، الأمر الذي دفعها إلى دخول كلية الأدب العربي في جامعة حلب الحرة، في حين إنّها تؤيد وجهة نظر عائلتها بأن الدراسة في المجال القانوني ذات مستقبل غير مضمون للذكور والإناث على حد سواء، وذلك بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة التي تشهدها المنطقة.

تختم دارين قولها بأنّ “دراسة الحقوق ستبقى غصة ترافقني، وفي حال سنحت لي الفرصة وتغيرت الظروف سأدرس هذا المجال وأحقق حلمي”.

في سياق معاكس تتحدث سيدرا شرقي (١٩ سنة، طالبة علوم جنائية سنة ثانية) عن تجربة دراستها في هذا المجال، حيث تقول: “أُتيح لي العديد من الفروع الجامعية، لكني أحسست أن الفرع الجنائي مناسب لشخصيتي، وتلقيت الدعم الكافي من العائلة لتحقيق حلمي، كانت أعداد الفتيات قليلة جداً ضمن السنة الأولى في الجامعة مقارنة بعدد الشباب، كنا فقط ثلاث فتيات، وبدأ العدد يزداد في السنة الثانية.”

كما تروي كاميليا التمرو (٢٤ سنة، طالبة حقوق سنة ثانية في جامعة حلب الحرة) الأسباب التي دفعتها إلى دخول هذا الفرع: “أُغتيل والدي مع إخوتي على يد أشخاص مجهولين، ولم يُعرف الفاعل حتى الآن، كان هذا الأمر هو الدافع الأكبر لدخولي المجال القانوني.”


Comments are closed.