رفضت الزواج من عنصر في “داعش” فأعدمها التنظيم

قصة ابنة منبج التي رجمت حتى الموت

أحمد دملخي- شبكة آسو


لا يخلو منزل بمدينة منبج من قصة أليمة، ووجه، وظروف أودت بحياة فرد منها “بالقصاص”، أو إلحاق الضرر بالعائلة، من قبل تنظيم داعش، الذي حكم المدينة لسنوات، والانتهاك إما بالقتل أو الخطف، أو الاعتقال، أو التعذيب بمختلف الأشكال.

وكان تنظيم داعش قد سيطر على مدينة منبج في عام ٢٠١٤ وتم تحرير المدينة على يد قسد والتحالف الدولي من داعش في شهر شباط من عام ٢٠١٦.

حكم داعش مدينة منبج لسنوات، وكانت فعليًا العاصمة التي يعتمدها التنظيم لبث أفكاره إعلاميًا، وهذا ما تبين مع تحرير منبج، من إيجاد استخدام حمام السوق كمقر بث إعلامي، ووقعت الانتهاكات من قبل داعش بحق المدنيين، على جميع المستويات، و كان للمرأة النصيب الأكبر من التعنيف والاضطهاد، فكثيرات من النساء اللاتي تعرضن للتعذيب من قبل التنظيم وخاصة على يد جماعة الحسبة التابعات لداعش، وأخريات ممن فقدن حياتهن تحت حجج وتهم ملفقة، منهم السيدة “ر.س” (أخفينا الاسم بناء على طلب العائلة) التي فقدت حياتها بعد إصدار حكم “الرجم حتى الموت” بحقها من قبل تنظيم داعش، على حد وصف عائلتها.

التقى مراسل شبكة آسو الإخبارية مع شقيق الضحية، ليروي تفاصيل الجريمة التي ارتكبت بحق شقيقته، الجريمة التي هزت مدينة منبج لأيام، ولا يزال صداها يصدح في آذان من كان حاضراً أثناء “القصاص”. 

(ر.س) هي الأحرف الأولى من اسم الضحية البالغة من العمر 25 عاماً، التي كانت متزوجة من طبيب في مدينة منبج، وبعد مضايقات التنظيم المتكررة لزوجها، قرر المغادرة بغية تأمين حياة آمنة له ولعائلته في مكان آخر لكن دون زوجته، بعيدًا عن الظروف القاسية التي يعيشها الأهالي بوجود التنظيم، حيث كانت الفتاة التي قتلت الزوجة الثانية للطبيب وبقيت في المدينة على أن تذهب معه، لتبدأ بعدها معاناتها مع تنظيم داعش، الذي بدأ يتردد إلى منزلها مراراً وتكراراً في محاولة لسلبها إياه بحجة أن مالكه يعيش في مناطق يصفها التنظيم بمناطق”الكفر”، لكن وتيرة التعرض للفتاة إزداد، وكانت قد اخفت الفتاة عن أهلها أن أحد عناصر التنظيم طلب الزواج منها، ونتيجة رفضها المتكرر لطلبه، ازدادت وتيرة مضايقاته لها. 

يقول شقيقها إنه ” في التاسع من تشرين الثاني عام 2015، توجهت شقيقتي إلى مكتب عقاري بغية وضع مبلغ من المال لدى صاحبه، لتحصل منه على أرباح شهرية، وخلال تواجدها في المكتب، قام عناصر التنظيم برفقة أحد جيران الفتاة وهو منتمي لداعش فكريًا بمضايقة الفتاة ثم إلقاء القبض عليها واقتيادها لسجن النساء وثم محاكمتها بمحكمة تتبع التنظيم تم تجهيز المحكمة في مدرسة “زيدان حنيظل” حينها” هكذا استذكر شقيق المغدورة القضية. 

الشقيق لم يكن بعيدًا عن انتهاكات التنظيم، فقد اضطر نتيجة مضايقات التنظيم لمغادة منبج إلى دمشق مع عائلته، بعد أن طلب عنصر من التنظيم ذو جنسية أجنبية الزواج من ابنته، وخلال رحلة شاقة دامت ثلاثة أيام، تمكن من مغادرة المدينة والوصل لدمشق، ملزمًا كما يقول علي ترك شقيقته بمنبج، فيقول:”بقيت شقيقتي في السجن لثلاثة أشهر، كانت من أصعب الأيام التي عشناها، حاولنا بشتى الوسائل أن نخرجها، لكن الحقيقة حينها أن أصغر عنصر في التنظيم بإمكانه إصدار حكم الإعدام بحق كثير من أهالي المدينة دون أن يتمكن أحد من ردعه ودون وجه حق”.

عند حديث الشقيق لشبكة آسو الإخبارية وشبكة الصحفيات السوريات، عن لحظة قصاص شقيقته، توقفت دمعته في حدقه، وتغيرت نبرة صوته، وهو يحاول إخفاء الحزن على شقيقته بداخله، ثم قال “تاريخ 15/11/2015 وردني اتصال من أحد أصدقائي وهو يقدم واجب العزاء بمقتل أختي، لم أتمكن من استيعاب الأمر في البداية، كل ما فعلته أنني استمعت لتفاصيل مقتلها ودموعي تملأ خدَي، صديقي أُجبر على حضور عملية “القصاص” بحق شقيقتي نظراً لقرب محله من ساحة تنفيذه الإعدام”. 

وكان تنظيم داعش يأخذ من ساحة معروفة بمدينة منبج للقيام بالإعدامات، كما أعد حفرة في المكان لرجم المدنيين.

العائلة لم تعلم بمقتل ابنتهم، إلا بعد عملية الإعدام بحقها، فيقول شقيقها “لم تعلم عائلتي القاطنة في منبج بتنفيذ الحكم، فقد اتصلوا بشقيقي بعد تنفيذ الحكم ليأتي ويستلم جثتها ويقوم بدفنها، وكانت زيارتي لقبرها أول ما فعلته بعد العودة إلى المدينة بعد تحريرها بعام، لا تسعفني الكلمات لوصف ما شعرت به حينها، تمنيت أن يتم القبض على ذاك المجرم الذي لاذ بالفرار، وآخر الأنباء عنه أنه متواجد في تركيا مع شقيقه”.

ولاذ الكثير من عناصر التنظيم والمنتمين لداعش بالفرار من منبج، نتيجة قيامهم بأعمال وصلت لحد الإيذاء بحق المدنيين، والكثير منهم يعيش في تركيا دون محاكمة.