منظمة سارة: جهود نسوية لمحاربة العنف ضد النساء في شمال وشرق سوريا

منظمة سارة: جهود نسوية لمحاربة العنف ضد النساء في شمال وشرق سوريا

تعاني النساء في شمال وشرق سوريا من ظروف صعبة وتحديات عديدة نتيجة للنزاعات المستمرة والحروب التي تشهدها المنطقة، بالإضافة إلى تحديات ثقافية واجتماعية تؤثر على قدرتهن على المشاركة بشكل كامل في المجتمع. بالتالي يؤثر ذلك على وضع النساء، حيث يتعرضن لانتهاكات جسيمة لحقوقهن، كما يواجهن التهجير والفقر والعوز ممايؤدي بدوره إلى زيادة جميع أشكال العنف ضدهن.

عملت العديد من المؤسسات والمنظمات التي تأسست بعد اندلاع الثورة السورية – كمنظمة سارة لمناهضة العنف ضد  النساء – على مواجهة هذه التحديات ومساعدة النساء على تحقيق حقوقهن والتصدي للعنف الموجه ضدهن، لتشكل تلك المنظمات قوة حقيقية على الأرض رغم وجود تحديات تعيق أعمالها كما سبق ذكره.

تعتبر منظمة “سارة” إحدى المنظمات التي لعبت دوراً فعّال في دعم ومساندة نساء المنطقة. لذا تبرز أهمية البحث في تجربة هذه المنظمة كنموذج جدير بتسليط الضوء عليه، لتعزيز مشاركة النساء وبيان دورهن في تحدي آليات التهميش والقمع. 

“التأسيس والأهداف”

تأسست منظمة سارة من قبل 8 نساء كنّ يعملنَ  معلمات في مدارس النظام في مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا. جاء تأسيس المنظمة بعد ظهور داعش في المنطقة وزيادة عدد حالات العنف ضد النساء، أي أنها أتت كاستجابة تساهم في وقف هذا العنف. تعمل منظمة سارة كمنظمة غير حكومية على حماية حقوق النساء والتوعية بالقضايا المتعلقة بهن.

تقول عضوة مجلس الإدارة في منظمة سارة أرزو تمو إن المنظمة تحمل اسم “سارة” لأن الاسم كان مستخدمًا لدى جميع مكونات المنطقة من عرب وكرد وآشور وسريانحيث وجدن-وا أن اختيار الاسم يجب أن يكون مبنياً على القيم والمبادىء التي تأسست عليها المنظمة، كجزء من جهودهن لبناء مجتمع واع ومثقف حول القضايا المتعلقة بالنساء يخلو من اللامساواة بالإضافة إلى سعيهن لحماية الحقوق والتعريف بالواجبات.

لتستطيع المنظمة القيام بمهامها على أكمل وجه ولتحقيق الأهداف المرجوة، تشكلت عدة لجان داخل المنظمة. نذكر منها إلى جانب مجلس الإدارة، لجنة متابعة حالات العنف، والتي تقوم بدورها بمتابعة حالات العنف المسجلة لديهن-م. كذلك، تأتي لجنة التدريب التي تعمل على تأهيل النساء وتعريفهن بحقوقهن وواجباتهن وفقاً للقوانين والأنظمة المحلية في المنطقة بالإضافة لالقوانين الدولية المتعلقة بالمرأة. إضافة لهذا، تم تأسيس قسم الإعلام والأرشيف، الذي يقوم بتوثيق كافة أعمال المنظمة ولجنة المالية. مؤخرًا إلى جانب ماسبق، شُكلت لجنة للدعم النفسي للتخفيف من الأثار المترتبة على النساء من كافة أشكال العنف والاضطهاد الذي تعرضن له

كما تعمل منظمة سارة على جمع الإحصائيات المتعلقة بالقضايا التي تتابعها كل ستة أشهر وتقوم بمشاركتها مع الإعلام ونشرها على موقعها الرسمي، بحسب عضوة مجلس الإدارة في منظمة سارة أرزو تمو. يأتي هذا، لأهمية الإحصائيات وتوثيق الأرقام، في التوعية والإشارة لما يحصل من انتهاكات بحق النساء.

“علاقة المنظمة بالجهات الحكومية”

يساهم وجود عدد من القوانين الخاصة بالنساء في منطقة شمال سوريا بتسهيل عمل المنظمات النسوية، كونها تشترك معها بعدد من المبادئ. يؤدي ذلك، بالسماح للمنظمات النسوية بأخذ حيز للعمل رغم التحديات. في هذا الخصوص تؤكد أرزو تمو أن المنظمة تعمل مع الجهات الحكومية وتتواجد في المحاكم كطرف عام  في بعض القضايا مثل قتل النساء والفتيات والاغتصاب وزواج القاصرات وتعدد الزوجات والعنف والخلاف بين الزوجين وغيرها”. كما يحق للمنظمة الطعن بقرار المحكمة أو استثنائه في بعض الحالات،وتضيف أن لجنة المتابعة تستمر في بتعقب القضية ريثما تصل النساء إلى حقهن المنشود.

“الإهتمامات وأبرز التحديات”

تركز المنظمات النسوية على تعزيز حقوق النساء وتمكينهن من المشاركة في الحياة العامة والسياسية والاقتصادية. وتعمل هذه المنظمات على تقديم الدعم اللازم للنساء اللواتي يعانين من العنف بالإضافة إلى توفير التدريب والتعليم للنساء في مجالات مختلفة، وهذا أيضاً ما تسعى إليه منظمة سارة.

في سياق متصل تقول الناطقة الرسمية باسم منظمة سارة رشا درويشإن المنظمة تسعى جاهدة الوصول إلى النساء اللواتي هن بحاجة لدعم، سواء نفسي أو معنوي أو بحاجة لحل ومساندة في قضاياهن. تهتم المنظمة بالجانب النفسي للنساء وتحاول دعمهن ومساعدتهن للانخراط في المجتمع والتمتع بحقوقهن. نعمل على ذلك، من خلال إعطاء محاضرات توعوية حول القوانين المتعلقة بالنساء محلياً ودولياً بشكل مستمر في القرى والبلدات والنواحي والمدن  بالتنسيق مع المجالس والكومينات والمؤسسات المعنية بقضايا النساء”.

لا شك أن العمل على حماية  النساء وتعزيز حقوقهن في المجتمع يجابهه الكثير من الصعاب، وقد حوربت العديد من المنظمات النسوية على مر الزمن من قبل المجتمع والسلطات الحاكمة.

في إشارة من رشا إلى أبرز التحديات التي يواجهنها خلال تنفيذ أنشتطتهن أو متابعة الحالات المسجلة لديهن تقولإن المنظمة تجابه مشاكل عديدة منها الذهنية الأبوية ورفض المجتمع للقوانين المتعلقة بتعدد الزوجات وزواج القاصرات. يضاف إلى ذلك، عدم تقبل عمل  المنظمة من قبل المجتمع المتبني للأفكار المتشددة.” تؤكد رشاأن كل ذلك لا يمنعهن/م من الاستمرار في تقديم الدعم للنساء والوصول إلى حقوقهن وتقديم وتكريس كل قدراتهن لتحقيق هدف المنظمة”.

على الرغم من وجود كم هائل من المعوقات أمام عمل المنظمات النسوية فلا يخلو الأمر من وجود الداعمات-ين. إذ تلقى منظمة سارة تأييداً كبيراً من قبل النساء والمجتمع لما تقدمه، وهناك تقبل بنسبة أكبر من 60 بالمئة بحسب الناطقة الرسمية باسم المنظمة رشا درويش.

“آراء حول عمل المنظمة”

من الخطوات التي قد تساعد المنظمات النسوية في فهم المشاكل التي تعاني منها النساء ومعرفة احتياجاتهن هي الإستماع إليهن والتخطيط للعمل وفق متطلباتهن.

هذا ما تؤكده سلام رمو وهي إحدى النساء المتابعات لعمل المنظمة وتجدأن أهم ما تقدمه منظمة سارة للنساء هو الدعم النفسي خاصة أن المنطقة في حالة نزاع وحرب مستمرة، وفي هذه الحالات تعاني النساء من ضغط نفسي كبير مما يترتب على ذلك أثار سلبية بحاجة إلى الحد منها. وتشير  إلى حاجة المنظمة للتطوير من عملها لتتمكن من الوصول للنساء غير القادرات على إيصال أصواتهن.

كون المنظمة تملك فروعاً لها في بعض المناطق دون غيرها كالقامشلي والحسكة وكوباني وعين عيسى وحلب وصرين والشهباء. تناشد سوزان رمضان المنظمة أن توسع من نطاق عملها وأن تفتتح مراكز لها في مناطق أخرى وتبادر في البحث عن النساء المعنفات لتساعدهن.

مع ما تقدمه منظمة سارة لنساء المنطقة من دعم، فهي ما تزال بحاجة للتطوير من آلية عملها لتحقيق المساواة والعدالة للنساء في مجتمعها، والذي  يتطلب مزيداً من الجهد لتعزيز حقوقهن. لتحقيق هذه الأهداف من الضروري تعزيز الشراكة بين المنظمات النسوية والحكومية والمجتمعية، وزيادة الوعي بأهمية دور النساء في التنمية المستدامة.

                                                                                                                                                        جيلان رمضان – صحفية وإعلامية

 

_منظمة سارة جهود نسوية لمحاربة العنف ضد النساء في شمال وشرق سوريا - جيلان رمضان

 

 


Comments are closed.